رغبة الزبون والحصة المتساوية

الفصل الأول: رغبة الزبون والحصة المتساوية

الثاني من سبتمبر، عام كورونا

دخلت مرةً إلى إحدى معارض بيع الأجهزة الذكية وتتملكني رغبة شراء جهاز أحدث من جهازي الحالي، توجهت إلى البائع وبعد استماعه إلى طلبي فاجئني بعرض تسويقي لجهاز آخر مختلف كلياُ عما جئت من أجله، وكان يُسهب في شرح مميزات الجهاز ومقارنته بما أريد، كما استغل استيائي من البطارية ومستوى الشحن المتدني بإقناعي بأن بطارية الهاتف الذي يحمله في يده أطول بمرتين من الجهاز الذي أريد، وتدريجياُ تغيرت رغبتي لرغبة أصغر منها وخسرت وقتي ونجح هو في هدفه التسويقي.

بعد فترة من استخدامه عانيت من الكثير من الصعوبات والمشاكل المختلفة ولم أكن مسروراً من تعاملي مع واجهة المستخدم الخاصة به، وندمتُ كثيرًا على سوء اختياري وكرهت تلك العلامة التجارية جدًا حتى أنني توجهتُ إليهم وعبرتُ عن استيائي بغضب عارم، كما امتنعت عن إعطائهم أي تعليق بالإيجاب أعلم يقيناً أنه سيساهم في نجاح منتجاتهم باستثناء ما سقط مني سهوا، وعدت أدراجي لشراء جهازي المفضل من العلامة التجارية الأخرى.

بعد فترة من التفكير وجدت نفسي أستخدم وأسوق أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بالعلامة التجارية التي أبغضها حتى أنني طلبت أن يكون لدى كل فرد من فريق عملي ذات الجهاز أًسوة بأجهزة الهواتف الذكية من علامتي المفضلة فحصلت العلامتين على حصة متساوية من رغباتي.

إن محاولة تغيير رغبة المستهلك إلى منتج آخر فقط لغرض رفع المبيعات سوف تؤدي غالبا إلى خسارة رغبته الكلية بالحصول على أي منتج من علامتك التجارية.

استمع جيدًا إلى عميلك وابدأ باستهداف رغباته عبر تقديم منتجات تتناسب معها. البعض يعتقد بأن تحليل المبيعات واكتشاف المنتجات الأقل طلبًا يعطيه الصلاحية التامة لاتخاذ قرار الترويج لها أو سحبها من السوق.

والصحيح أن قرار الترويج والسحب يأتي بعد عدة تحليلات وعمليات مباشرة وغير مباشرة يجب على المختص في التسويق القيام بها لاتخاذ قراره النهائي.

لأن الترويج قد يكون ذا نتيجة عكسية فيساهم في إضعاف الحصة السوقية للعلامة التجارية كاملةً، يجب عليك أن تعرف أن الحصة المتساوية في السوق أحيانا أفضل بكثير من محاولة السيطرة على السوق كاملاً، وبأن الأرباح الأكبر قد تحققها المنتجات الفرعية، لذلك احذر من اتخاذ القرار الخاطئ دون دراسة، تحديدًا الذي يكون غرضهُ زيادة الأرباح لأنه قد يجعلك تخسر خسارة كبيرة لم تكن في الحسبان.

الإعلان اليائس للمنتج الخامل

الفصل الأول: الإعلان اليائس للمنتج الخامل

الرابع والعشرون من آب أغسطس، عام كورونا

في البداية أود أن أشكر كل من يقرأ ما أكتب ويبادر بنشره أو يراسلني برأيه.

عندما بدأت مشروعي الأول في العام 2011م ظننت ان مهاراتي وخبرة زميلي مهندس الحاسوب كافيه بالإضافة إلى العقد الذي ينتظرني مع احدى القطاعات الحكومية لإنشاء مركز مراقبة وتحكم لأحد المستودعات الجديدة، حينها لم يكن هناك إلزام كامل بالسجلات التجارية ولم يكن لدى الوزارة منصة إلكترونية لاستخراج السجل التجاري ورخصة البلدية في 180 ثانية، لنثني قليلًا على هذا التحول الذي قامت به وزارة التجارة في عام 2015.

أعتقد أنى اعرف جيدًا تلك الابتسامة التي رُسِمت على وجهك وانت تقرأ ثنائي عليها (ما علينا) أحسن النية، حتى أختصر الحديث عن الماضي لقد خسرت ذلك المشروع في اقل من عام لم يكن ذلك بسبب قلة خبرة المهندس أو ضعف جودة المنتجات بل ذلك بسبب عدم قراءتي الصحيحة للمشروع قراءة أرقام المبيعات بشكل خاطئ واستهداف فئة ضعيفة من العملاء، كانت مبيعاتي محصورة على نوع واحد من المنتجات وكنت استهدف فئه أخرى للمنتج الآخر بلغة خاطئة بدون أن أقوم بتحليل سبب ضعف الإقبال على المنتج الأخر حتى اخفاه الغبار، عندما ساء الحال قمت بمخاطبة العملاء بطريقة غريبة لم أستخدمها مسبقًا، أذكر بأني كتبت إعلان في ورقة ووضعتها على باب المحل ووزعتها على المحال المجاورة ونشرت صورة منها على فيس بوك وارسلتها إلى جهات الاتصال لدي كتبت فيها “يبدو أنك تحب أن تكون قريبًا جدًا من جهازك لتستخدم (ماوس) بسلك، جرب ان تبتعد قليلًا” ووضعت صورة (ماوس لاسلكي) لإحدى العلامات التجارية الموجودة لدينا، انتهى المخزون خلال اسبوع رغم اني استخدمت برنامج مشهور لإنشاء العروض التقديمية ولم أستخدم أي جرافيكس الا اني وصلت، لكن وصولي كان متأخرًا جدًا نظرًا لتراكم الديون على المشروع فكان الأولى ان اقضيها وانسحب من السوق رغم ان سعادتي بذلك الإجراء التسويقي الذي قمت به دون ان اشعر منتصرًا على كل الذين نظروا إلى ذلك الإعلان انه يائس.

ان المنتج الخامل ليس بالضرورة أن يكون سيئًا او غير مقبول لدى العملاء ربما تكون المشكلة في الطريقة التي تقرأ فيها مبيعاتك واللغة التي تستخدمها لاستهداف عملائك لقد قلت لك سابقًا ان محتوانا العربي فقير جدًا، والأفقر منه أولئك الفلاسفة اللذين يقرأون كتبًا مقتبسه من كتب معربة ليلقوا عليك محاضرة عن التسويق لتقوم بتطبيقها كالأعمى.

المعادلة بسيطة: وظف مختص يمتلك الخبرة، لكن أرجوك لا تبحث عنه بعد فوات الأوان.

المحتوى الأجنبي.. النسخة العربية

الفصل الأول: المحتوى الأجنبي.. النسخة العربية

السادس عشر من آب أغسطس، عام كورونا

يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: “ان العلم كثير والوقت قليل فينبغي أن يؤلف الإنسان في الجوانب التي تنقص الأمه”

يعتقد الكثيرين بأن المحتوى العربي ثري بالأمور الجديدة ومتجدد بشكل دائم بينما في الواقع ليس الا نسخ منقحه بشكل متكرر من النسخة الأجنبية أو من مؤلفات العرب الذين توقف التأليف عندهم، هذا ما جعلنا تقليديين وسبقنا الآخرون بعشرات السنين، قد كنا فيما سبق أهل الحضارة، وأصبحنا أهل التاريخ أصبحنا المحتوى التراثي الذي يرمم بين فينة وأخرى ليعرض من جديد في الموسم الجديد للمتحف.

هكذا هو حال محتوى التثقيف الذي تقدمه عن منتجاتك وخدماتك ليس إلا محتوى مكرر منقح من عبارات كتبها منافسك الذي اقتبسها من اعلان لشركة سويدية تبيع الأثاث ليضعها في اعلان شركته العربية التي تبيع الأثاث، اين هو منتجك من الإعلان؟

تلك العبارة التي تداولتموها لجلب العميل لكم ليست الا جمله تذكر عقله الباطن بالعلامة التجارية الأولى التي خاطبته بها، انها العبارة الأولى التي دخلت بها السوق لتعرف عن نفسك وكيف تريد ان يتذكرك الناس انها أسلوب خطابك الذي لا يخفى على الجميع، البعض يقلل من قيمة التسويق ويتردد في تكاليفه معتقدًا انه تحصيل حاصل او يصرف عليه القليل ويتوقع نتائج ضخمه معتمدًا على جودة المنتج مراهنًا على نجاح شركات أخرى تكبره ب عشرات السنين وتصرف مئات الألوف، بينما العكس عندما سيحصل على نسخة مكرره من اعلان كوكاكولا على شركته الوطنية ليذكر الناس بقلة قيمته مقارنة بها.

حتى هذا المقال ما هو الا نسخة من تهكم كل شخص يمتهن هذه المهنة.

هكذا اخترت عملي

الفصل الأول: هكذا اخترت عملي..

الثالث عشر من آب أغسطس، عام كورونا

منذ ولادتي وأنا أتأمل في الحياة وأتفكر في طُرقها وأتعجب من مواقفها ومُسبباتها سلبية كانت أم إيجابية، انتهيت من مرحلة التأمل عند سن السابعة من عمري، وبدأت بالبحث عن طريق قراءة الكتب والتعلم ووضع الفرضيات واختبار نتائجها; سعياٌ مني لمعرفة الحلول المناسبة عند مصادفة حدث مستقبلي ذا نتائج مشابهة برغم اختلاف معادلات الحياة، قفزت من تلك المرحلة في عمر الثانية عشرة فبدأت أسلك طريقي في العمل بدايةً من الصفر.

كانت محصلة البحث والفرضيات في المرحلتين السابقتين تؤكد وصولي إلى نتيجة واحدة وهي “العلم بالعمل واكتساب الخبرة على أرض الواقع يتفوق أهميةً على السرد النظري في العلوم الأكاديمية”.

أنا لا أجرؤ على التقليل من قيمة العلم ولكن; العلم بلا عمل ليس علماً بل إثماً على رقابنا. لذلك قررت أن أسلك طريق العلم بالعمل واكتساب الخبرة حتى وصلت إلى سن الواحدة والعشرون من عمري، حينها وجدت أن الخبرة بلا ثمار مرجوة تولد الفقر والتعاسة فصببتُ جُل تركيزي على المال حتى وصلت للثلاثين من عمري، فوجدت حينها أن المال يولد الاستهلاك كلما زاد فأصبح من الضروري تنميته والحصول على المزيد من الخبرة.

 وهكذا هو التسويق يأخذك إليه عند دخولك إلى السوق في اليوم الأول منذ اللحظة الأولى وأثناء عرض المنتج الأول للعميل الأول هنا تبدأ رحلتك، يجب ان تحلل نظرته الأولى للمنتج، تعابير وجهه، العبارات الأولى التي ذكرها، اسئلته، عليك أن تدقق في كل تلك التفاصيل الصغيرة لتخبره بها من خلال منتجك، عليك ان تعلم ما إذا كان يشعر بالصداع !، هل هو منهمك بدراسته؟ هل لديه مناسبة يحتفل بها اليوم!، نعم عليك رفع سقف العلاقة بينكما لأعلى درجات الحب والوئام حتى تصل لمرحلة هل ينام سعيدًا أو حزينًا، فكر ملياً كيف تبادله تحية الصباح، متى تهديه هدية، متى موعد يوم ميلاده، نعم إنها ذات التفاصيل التي تتذمر شريكتك في الحياة لأنك غفلت عنها، ذات المناسبات التي أهملتها وذات الطلبات المتكررة التي تنسى أن تتفقدها باستمرار حتى فشلت العلاقة، وستفشل هنا أيضاً إذا لم تُفلح هذه المرة.