“أحيانًا، يكون تسليم إدارة المشروع لشخص آخر هو القرار الأفضل لنجاحه.”
لدي صديق كان يحلم منذ صغره بأن يصبح مهندسًا معماريًا، لكن الضغوط العائلية دفعته للتركيز على الدراسات الدينية بدلًا من تحقيق حلمه. عائلته، كغيرها من العائلات التي تسعى للحفاظ على تقاليد معينة، رغبت أن يكون ابنها جزءًا من تلك السلسلة المهيمنة في مجال معين. اليوم، يندب صديقي حظه، معتقدًا أن قرارات والديه حسمت مستقبله.
هذا الموقف يشبه تمامًا الطريقة التي يدير بها بعض أصحاب المشاريع أعمالهم. يعاملون مشاريعهم كما يعاملون أبنائهم، يفرضون عليها استراتيجيات لا تتناسب معها لأنهم يعتقدون أنها “الطريقة الصحيحة”. يقومون بتمويلات غير منطقية أو يسحبون من الكاش للمصاريف الشخصية، مستخدمين العبارة الشهيرة “أنا صاحب الحلال”. هذه العبارة كانت سببًا في إغلاق مئات المشاريع خلال السنوات الخمس الماضية.
الإدارة الفعّالة تبدأ بالفهم
إن إدارة مشروع تشبه كثيرًا تربية طفل. يجب أن نمنحه الحرية ليتطور، والبيئة التي تمكّنه من النمو بشكل سليم. عندما نرغب في فرض أساليبنا القديمة على مشروع جديد، نمنع عنه الابتكار والإبداع. للأسف، الكثير من أصحاب المشاريع يتجاهلون أهمية فهم التفاصيل اليومية لعمل المشروع واحتياجاته. كل مشروع له شخصيته الخاصة، والتي يجب أن تتناسب مع السوق والجمهور المستهدف.
“أنا صاحب الحلال” ليست استراتيجية
للأسف، الكثير من أصحاب المشاريع يرتكبون نفس الخطأ. يتعاملون مع المشروع كما لو كان امتدادًا لرغباتهم الشخصية دون النظر إلى احتياجاته الفعلية أو إلى أفضل السبل لتطويره. يقومون بفرض استراتيجيات لا تتناسب مع الواقع أو التوجه العام للسوق، معتقدين أن رؤيتهم وحدها كافية لتحقيق النجاح. ومع مرور الوقت، يجدون أنفسهم في موقف صعب، إذ تتدهور أوضاع المشروع بسبب القرارات العشوائية.
التخلي عن الإدارة لأجل النجاح
بدلاً من إدارة المشروع بأنفسهم، يجب على أصحاب الأعمال أن يدركوا أهمية تسليم إدارة المشروع لشخص مختص لديه الخبرة والكفاءة. إدارة المشاريع ليست مجرد تنفيذ للرؤية، بل هي القدرة على التعامل مع التفاصيل اليومية والتحديات التي تواجه المشروع. الإداري الناجح يمكنه تحويل رؤية صاحب المشروع إلى واقع، ويعرف كيف يتكيف مع تغيرات السوق ويحقق أفضل النتائج.
ختامًا
مثلما كان بإمكان صديقي أن يغير مساره المهني لو اتخذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، كذلك أنت، كصاحب مشروع، تملك القدرة على توجيه مشروعك نحو النجاح إذا كنت مستعدًا لاتخاذ القرار الجريء بالتخلي عن الإدارة المباشرة. ليس عليك أن تكون مثاليًا، لكن عليك أن تكون متعلمًا، مرنًا، وقادرًا على الاستماع والتكيف. فهمك لمشروعك لا يعني بالضرورة أنك الشخص الأنسب لإدارته. الإداري الجيد هو الذي يعرف متى يسلم القيادة لتحقيق النجاح.
مع ذلك، يظل دورك كصاحب المشروع مهمًا، إذ يمكنك أن تكون داعمًا كبيرًا عن بُعد. تقديم التوجيهات المناسبة دون إجبار، والدعم بالعلاقات، وتذليل العقبات هو ما سيساهم في تحقيق رؤيتك بنجاح، حتى إن لم تكن أنت من يدير المشروع بشكل يومي.