مشكلة تواصل

العقم القادم في التواصل

السابع والعشرون من يناير، عام الاستدامة 2025

اكتشفتُ مؤخرًا أننا على أعتاب أزمة حقيقية تتعلّق بالتواصل، قد تُسمّى “العقم القادم في التواصل”.
فوسط الزخم الرقمي الهائل، والاندفاع نحو الرائج أو ما يُسمّى بالتريند، أصبحنا اليوم ننساقُ خلف صيحات لا تجمعنا إلا للحظات عابرة، ثم تُفرّقنا من جديد.

إنّ الهيام بالوصول إلى أكبر عددٍ من الناس قد أفقدنا التواصل الحقيقي مع عملائنا الأوفياء، فعندما نوجّه كل طاقاتنا نحو جلب زبائن عابرين، نُهمل أولئك الذين اعتمدوا علينا سابقًا ووثقوا بنا.
هذا إن دلّ على شيء، فإنّه يدلّ على غياب مبدأ الاستدامة، وانعدام الرؤية طويلة الأمد في إستراتيجيتنا.

في هذا العام، عام 2025 الذي أصفه بـعام الاستدامة، نحن بحاجة ماسّة لتحسين مهارات التواصل لدينا.
لا أقصد هنا التواصل المجرّد أو العابر، بل التواصل المتجرّد من الانحياز للعواطف اللحظية والتوجهات المؤقتة.
إنّنا في أمسّ الحاجة لتحديد هدفٍ واضحٍ وثابت، ندعمُه ونكرّس جهودنا لتحقيقه دون تشتّت.
علينا أن نختار مسارًا واحدًا نعمل عليه ونستمرّ فيه بإصرار، إلى أن نصل أو نعرف سبب إخفاقنا، ثم نتعلّم منه ونجرّب من جديد.

إذا تأمّلنا مشاريعنا أو علامتنا التجارية في الفترة الأخيرة، سنجد أنّ أوّل العقبات التي تلوح في الأفق هي “مشكلة التواصل“، وهذه المشكلة لا تعني ضعف لغتنا أو مفرداتنا فحسب، بل تكمن في الطريقة التي نخاطب بها عملاءنا، وفي الأسلوب الذي نتفاعل به مع احتياجاتهم ومشاعرهم.

1. مراجعة لغة التواصل:
• هل لغتنا موجّهة لهم فعلًا، أم موجّهة لإثبات تميّزنا أمام منافسينا أو لجذب متابعين جدد فقط؟
• هل نستخدم لغة بسيطة وقريبة من عميلنا، أم لغة إنشائية معقّدة تُشعره بأنه غير معنيّ حقًا؟

2. أسلوب التواصل:
• نحن نُركّز على الرائج (التريند)، دون تفكير في بناء علاقة طويلة الأمد مع العميل.
• قد تقتصر رسالتنا على عبارات ترويجية جوفاء، فتضيع قيمة الخدمة أو المنتج وسط الضجيج.

3. تكريس مبدأ الاستدامة:
• الاستدامة ليست مجرد المحافظة على البيئة أو الموارد الطبيعية، بل هي استراتيجية تُبنى على التفاعل الحقيقي مع العميل والوفاء بمتطلباته على المدى الطويل.
• فلا يتحقق النمو الحقيقي لمشروع أو علامة تجارية ما لم تحافظ على ثبات الرؤية، وتتتبّع تطلّعات عميلك وتنمو معه خطوة بخطوة.

4. اختيار مسار واحد:
• إنّ السعي خلف أكثر من اتجاه في آنٍ واحد يشبه محاولة تعلّم لغات متعددة في وقت واحد من دون أساس متين، فتكاد لا تتقن أيًّا منها.
• كذلك يشتّت تعدد المسارات فريق العمل وموارده، فيضعف الأداء العام ونخسر ثقة العميل.

إنّنا نحتاج إلى وقفة حقيقية لمراجعة أهدافنا وحُلمنا الذي نريد تحقيقه من خلال هذا العام. قد يكون “التريند” مغريًا مثل “تفاحة آدم”، ويسمح بوصول سريع إلى مئات وربما آلاف من الزبائن الجدد، لكنّه لن يضمن استدامة نموّنا وتطوّرنا.
فقبل أن نلهث وراء الجديد والعابر، علينا أن نضمن رعاية العلاقة مع عملائنا القدامى والحرص على التواصل الفعّال والمستمر معهم.

“التواصل الحقيقي ليس عدد الكلمات التي نلقيها، بل الأثر الذي تبقى عليه علاقة العميل بعلامتنا التجارية.”

هل أنت الشخص المناسب لإدارة مشروعك؟

“أحيانًا، يكون تسليم إدارة المشروع لشخص آخر هو القرار الأفضل لنجاحه.”

لدي صديق كان يحلم منذ صغره بأن يصبح مهندسًا معماريًا، لكن الضغوط العائلية دفعته للتركيز على الدراسات الدينية بدلًا من تحقيق حلمه. عائلته، كغيرها من العائلات التي تسعى للحفاظ على تقاليد معينة، رغبت أن يكون ابنها جزءًا من تلك السلسلة المهيمنة في مجال معين. اليوم، يندب صديقي حظه، معتقدًا أن قرارات والديه حسمت مستقبله.
هذا الموقف يشبه تمامًا الطريقة التي يدير بها بعض أصحاب المشاريع أعمالهم. يعاملون مشاريعهم كما يعاملون أبنائهم، يفرضون عليها استراتيجيات لا تتناسب معها لأنهم يعتقدون أنها “الطريقة الصحيحة”. يقومون بتمويلات غير منطقية أو يسحبون من الكاش للمصاريف الشخصية، مستخدمين العبارة الشهيرة “أنا صاحب الحلال”. هذه العبارة كانت سببًا في إغلاق مئات المشاريع خلال السنوات الخمس الماضية.

الإدارة الفعّالة تبدأ بالفهم

إن إدارة مشروع تشبه كثيرًا تربية طفل. يجب أن نمنحه الحرية ليتطور، والبيئة التي تمكّنه من النمو بشكل سليم. عندما نرغب في فرض أساليبنا القديمة على مشروع جديد، نمنع عنه الابتكار والإبداع. للأسف، الكثير من أصحاب المشاريع يتجاهلون أهمية فهم التفاصيل اليومية لعمل المشروع واحتياجاته. كل مشروع له شخصيته الخاصة، والتي يجب أن تتناسب مع السوق والجمهور المستهدف.

“أنا صاحب الحلال” ليست استراتيجية

للأسف، الكثير من أصحاب المشاريع يرتكبون نفس الخطأ. يتعاملون مع المشروع كما لو كان امتدادًا لرغباتهم الشخصية دون النظر إلى احتياجاته الفعلية أو إلى أفضل السبل لتطويره. يقومون بفرض استراتيجيات لا تتناسب مع الواقع أو التوجه العام للسوق، معتقدين أن رؤيتهم وحدها كافية لتحقيق النجاح. ومع مرور الوقت، يجدون أنفسهم في موقف صعب، إذ تتدهور أوضاع المشروع بسبب القرارات العشوائية.

التخلي عن الإدارة لأجل النجاح

بدلاً من إدارة المشروع بأنفسهم، يجب على أصحاب الأعمال أن يدركوا أهمية تسليم إدارة المشروع لشخص مختص لديه الخبرة والكفاءة. إدارة المشاريع ليست مجرد تنفيذ للرؤية، بل هي القدرة على التعامل مع التفاصيل اليومية والتحديات التي تواجه المشروع. الإداري الناجح يمكنه تحويل رؤية صاحب المشروع إلى واقع، ويعرف كيف يتكيف مع تغيرات السوق ويحقق أفضل النتائج.

ختامًا

مثلما كان بإمكان صديقي أن يغير مساره المهني لو اتخذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، كذلك أنت، كصاحب مشروع، تملك القدرة على توجيه مشروعك نحو النجاح إذا كنت مستعدًا لاتخاذ القرار الجريء بالتخلي عن الإدارة المباشرة. ليس عليك أن تكون مثاليًا، لكن عليك أن تكون متعلمًا، مرنًا، وقادرًا على الاستماع والتكيف. فهمك لمشروعك لا يعني بالضرورة أنك الشخص الأنسب لإدارته. الإداري الجيد هو الذي يعرف متى يسلم القيادة لتحقيق النجاح.

مع ذلك، يظل دورك كصاحب المشروع مهمًا، إذ يمكنك أن تكون داعمًا كبيرًا عن بُعد. تقديم التوجيهات المناسبة دون إجبار، والدعم بالعلاقات، وتذليل العقبات هو ما سيساهم في تحقيق رؤيتك بنجاح، حتى إن لم تكن أنت من يدير المشروع بشكل يومي.

في حب العميل

21 أغسطس 2024

“العشاق دائماً يهتمون بأدق التفاصيل.”

عند بدء التخطيط لمشروعك، يجب أن تحدد فئتك المستهدفة بدقة. هذا التحديد سيكون أحد الركائز الأساسية لنجاح مشروعك، لذا عليك أن تكون على دراية تامة بكافة التحديات التي قد تواجهك أثناء عملية الاستهداف، وأن تكون مستعداً لمواجهتها.

استهداف الإنسان هو عملية معقدة وسهلة في آنٍ واحد. فبينما يبدو هذا الكائن العاطفي متقلباً وضعيفاً أمام رغباته وشهواته، يكمن التحدي في جعل منتجك أحد تلك الرغبات. ولكن، لا تكتفِ بذلك فقط، بل اعمل على تحويل هذه الرغبة إلى عادة. إذا لم تصبح رغبة العميل في منتجك عادةً، لن تتمكن من الحفاظ على ولائه، خاصةً في ظل تعدد الخيارات المتاحة في السوق. أنت لست الوحيد الذي يستهدفه.

احذر من الانجراف نحو استهداف فئات أخرى من العملاء فقط لأنك تراها سهلة المنال. ركز على هدفك الأساسي وعمِّق استراتيجيتك فيه. حسّن من خطابك لعملائك باستمرار، وراقب ردود أفعالهم بعناية. من الأساليب التي أعتمدها في تحسين لغة الخطاب لأي علامة تجارية هي تتبع المتفاعلين معها عبر منصات التواصل الاجتماعي، بحثاً عن القواسم المشتركة بينهم، مما يمكنني من رسم شخصية واضحة تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم.

“في الحقيقة، لن تتمكن من فهم عميلك والتواصل معه بفعالية إلا إذا راقبته كما يراقب العاشق محبوبه.”

توازن … لاتعطي أكثر أو أقل

الفصل الثالث: توازن لاتعطي أكثر أو أقل
السادس من ديسمبر، عام التصفية

رسالة:

“لقد قصرتُ كثيرًا في الكتابة هذا العام والعام الذي سبقه؛ لكوني غرقت في تجارب مهنية متنوعة ساهمت بتوفيق الله في تطوير مهاراتي بشكل ملحوظ.
كما أن هذين العامين تطلبا مني الكثير من التركيز، مما جعل رغبتي في الابتعاد عن الأضواء تتضاعف، وجعل الوقوف في الميدان لمواجهة هذه المرحلة أمرًا إلزامياً 

حتى نغادر هذا العام ونكون أكثر كفاءة في العام القادم يجب ان نكون على علم:

أن التوازن في العطاء أمر ضروري جداً لاستدامة أي علاقة، لذلك عليك البدء بمراجعة حساباتك من الآن لتعمل بتوازن؛ لأن مبالغتك في تقديم كُل شيء في البداية هو سبب خسارتك في النهاية.

إن جُل مايفسد العلاقات الشخصية هو ارتفاع مقاييس الأداء، فكل طرف يبذل مجهوداً كبيراً لإثبات أنه الأكثر كفاءة وقدرة على إدارة العلاقة أو إنجاحها ، بينما في بعض الأوقات قد يمر بظروف استثنائية تجعله لا يستطيع أن يحقق 25٪ من توقعات الطرف الآخر، مما يؤثر سلباً على التقييم العام ويخلق تراكمات سلبية قد تكون سبباً رئيسياً في إنهاء هذه العلاقة.

و هذا مايحدث مع أصحاب العلامات التجارية التي تعمل على إبهار العميل منذ اليوم الأول، حيث ترفع سقف توقعاته إلى مستوى خدمة مميز، وجودة منتجات عالية جداً فوق الحد المعقول، وتغليف فاخر.
وبعد أن تبني له صرح التوقعات العالي، تفتح ناظره على مستوى جديد كلياً لم يكن يتوقعه.
و بعد فترة وجيزة تبدأ في رحلة البحث عن حلول لتقليل التكلفة، حيث أن حجم الطلب لايغطي التكلفة الإجمالية للتشغيل، وهذا بسبب عدة عوامل من أبرزها “عدم دراسة حاجة العميل بشكل صحيح منذ البدية”

إن دراسة حاجة العميل بشكل صحيح قبل البدء في أي خطوة، هي مفتاح بناء علاقة جيدة بمستوى جيد من التوقعات قابلة للتطور والتأثير على المدى البعيد.

في الختام:
أنت بحاجة إلى الانصات بشكل جيد إلى الطرف الآخر،
لتفهم تفاصيل احتياجاته ومدى قدرتك على تقديمها له، فلربما أنت تقدم له أكثر مما يحتاج وأكبر من قدرته على التحمل.